سقراط وإله المعرفة

(سقراط طلعلو إله المعرفة بالحلم)

سقراط: علّمني شو الطريق للحصول عالمعرفة

إله المعرفة: الطريق الوحيد هو خلق التفسيرات ونقدها

سقراط: خلق التفسيرات ونقدها؟ كيف يعني؟

إله المعرفة: يعني إنك لما تشوف أو تسمع أو تفكر بأي شي، تقدّم بعقلك تفسير لإلو، وبعدين تنتقد هالتفسير وتشوفو إذا منطقي أو لاء

سقراط: هاد هو السبيل الوحيد؟ إني جرب قدّم تفسيرات وبعدين قيّم صحة هالتفسيرات؟ بس هيك معرفتي مستحيل تكون قطعية! لأنو تفسيراتي ممكن تكون غلط، أو ممكن يكون في تفسيرات أدقّ منها

إله المعرفة: مزبوط

سقراط: إي بس هيك ما رح كون متأكد من شي! طيب أنت إله المعرفة، ما فيك تخبرني بشي معلومات قطعية اقدر بلش منها؟

إله المعرفة: يعني إذا خبرتك هيك بمجموعة معلومات رح تقتنع فيها؟

سقراط: إي طبعاً، ما إنت إله المعرفة!

إله المعرفة: متأكد؟ شو نسيت أنك عمتشوفني بحلم؟

سقراط: شو عمتقول إنك إنت مالك حقيقي يعني؟ أنو أنا عمأتخيلك؟

إله المعرفة: أنا ما عمقول شي. بس فكر فيها، أنا فيي أعطيك معلومات عامة، بس وقتها رح تكون الطريقة الوحيدة لتعرف إنو هالمعلومات صح، هي إنك تفترض إنو أنا فعلاً إله المعرفة، أما لو استخدمت معك أساليب المحاججة والبراهين والإقناع، فما رح تفرق معك أصلاً إذا أنا حقيقي أو لاء. حتى لو اكتشفت إنو أنا من نسج خيالك ما رح تغير رأيك بالأمور اللي علمتك ياها لأني أقنعتك، أنت ما اقتنعت باللي عمقولو لأني أنا إله، أنت اقتنعت ببساطة لأنو الحكي مقنع...

سقراط: يمكن معك حق... بس ما بعرف، بركي هالحلم لا جايي لا من خيالي ولا من وحيك، بركي جايي من مصدر تالت...

إله المعرفة: إي وإذا كان؟

سقراط: بركي هالمصدر خبيث وعميحاول يخدعني؟

إله المعرفة: حتى لو، إذا كان الحكي مقنع، شو بيفرق المصدر؟ فكّر فيها بالمقلوب، حتى لو الحكي جايي من أكتر شخص بتوثق فيه، ما ممكن يكون حدا كذب عليه؟ أو حتى لو كنت متأكد إني أنا فعلاً إله المعرفة، ما ممكن تسمعني أو تفهمني أو تفسر حكيي غلط؟ المصدر مو هو المهم، المهم هو التفسير اللي بتخلقو بعقلك، وانتقادك لهالتفسير لتقرر إذا منطقي، وبالتالي مقنع، أو لاء...

سقراط: طيب بس لساتني متردد، يعني بركي غلطت، بركي خبصت... ما ممكن تقدملي بس هيك كم معلومة استند عليهم؟ اعملهم أساس يكون ثابت وغير قابل للنقد؟

إله المعرفة: يا سقراط، أيا شي غير قابل للنقد هو الغلط. بتفهّم قلقك، بس جاوبني، كيف بدك يكون عندك أساس غير قابل للنقد، مع أنك هاد الأساس إنت ما جبتو بطريقة قطعية؟ برجع بقلك، أي معلومة بخبرك فيها مستحيل تكون قطعية لأنو في احتمال، ولو صغير، أنك تكون عمتتخيلني، أو أنك تفهمني أو تسمعني غلط. الناس اللي بيبنوا حياتهم عأساس غير قابل للنقد بيضحكوا عالتانيين اللي بينقدوا كل شي، وبيقولوا "شوفوا كيف عميتخبطوا"، بس هاد التخبط هو المصدر الوحيد للمعرفة، وأنك تضل تتخبط وتغير رأيك وتنمو وتعدّل مبادئك، أفضل بشكل لانهائي، من إنك تكون ثابت بس عأساسات غلط...

---

مستوحى من كتاب "بداية اللانهاية" لديفيد دويتش

Comments

Popular Posts