لماذا يخشى الملحدون الإسلام؟

 لا بد أن أنوه في بداية هذا المقال أن المسلمين قد يهللون احتفالاً به، "الملحدون يخافون دين الإسلام أكثر من غيره، هذا اعتراف منهم بقوة وعظمة هذا الدين"، لكن العاقلين سيدركون أن خوفي من الإسلام ليس اعترافاً بصحته، ولا تبجيلاً له


ذلك بأن مشكلتي مع الإسلام تحديداً هي شموليته. ما من دين آخر في العالم تحتوي نصوصه الأساسية على كمية التشاريع التي يحويها الإسلام. فبينما تقتصر معظم الأديان الأخرى على تقرير الحلال والحرام، يباشر القرآن بتقرير كميات الميراث، وعدد الشهود اللازم عند المداينة، وحدود مرتكبي "الجرائم" كالسرقة والزنى، ناهيك عن التشريعات الواردة في الحديث النبوي، والتي تتعدى أضعاف التشريعات الواردة في القرآن.

لكن ما المشكلة في ذلك؟ ولماذا يخيفك هذا الأمر؟ دع المسلمين يحتكمون إلى ما أرادوا...

يخيفني الأمر لأسباب عديدة:

أولها أن هذا يمنع الإسلام من التعايش مع دولة علمانية، وهذا ليس خفياً على أحد. المسلم يرى تعاليم دينه واضحة في القرآن، ويرى آيات مثل ((فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم)) التي تقضي أن رفض الاحتكام بشرع الله كفر. لقد جرب العديدون علمنة الإسلام، من أمثال المفكر فرج فودة وغيره، لكنهم للأسف باؤوا بالفشل، بل وقتل بعضهم. ذلك أن الإسلام دين عصي على العلمنة، وبينما يمكن اختصار المسيحية إلى تعاليم دينية أساسية، فإن الإسلام يزخر بالشواهد التي تؤكد أنه لا يقبل أن يكون ديناً بلا دولة. بالطبع إن كنت مسلماً، سترى هذا أمراً رائعاً، لكن غير المسلمين ينظرون برعب إلى مجموعة تأتي إليهم بتعاليم عمرها يزيد على الألف سنة، وتطالب بتطبيقها حرفياً.

وثانيها أن هذه الأفكار في الإسلام موضحة بشكل حرفي، فحتى لو استطاع بعض المسلمين تفسير هذه الأحكام بتأويلات معينة تلغيها أو تنفيها أو تحدها، فإنه لن يمر الكثير من الوقت قبل أن تأتي طائفة أخرى تؤكد أن لا صحة لهذه التأويلات، وأن أحكام الإسلام يجب أن تؤخذ بحرفيتها. وستسغل هذه الطائفة الوضع البائس للمسلمين وتؤكد على أن الإسلام ساد العالم عندما التزم الناس به.

أما ثالثها وأخطرها، فهي أن "من بدل دينه فاقتلوه". إن هذا الحديث كارثة بحد ذاتها، فهو يوضح خطورة الحكم الإسلامي، الذي لا يسمح لأحد بالفرار منه. فتحت الحكم الإسلامي ليس هناك منفذ لأحد شاءت الأقدار أن ولد مسلماً، ثم أبلغه عقله أن هذا الدين لا يصح. ليس لديه إلا أن يعيش منافقاً، ملتزماً بأحكام عمرها يفوق الألفية، أو أن يجلد ويقتل.

كملحد، فإني قد لا أمانع العيش في دولة تحتكم إلى الإسلام في بعض أمورها، لن أفرض على المسلمين حكماً يرفضونه. لكني أشترط أن تكون شريعتها الأساسية علمانية، مع وضع استثناء لمن أراد الاحتكام للإسلام، وأن تعطي الحق لأي أحد أن يخرج عن ذلك متى شاء ويحتكم إلى المحاكم العلمانية من دون أي تهديد لسلامته. مع اشتراط أن من خرج عن القوانين الإسلامية لا يسمح له بالعودة إليها، لكي لا يستغل الناس ذلك فيلفقوا بين القانونين.

Comments

Popular Posts